بسم الله الرحمن الرحيم
إن الكمال الروحي والبدني والعقلي والخلقي مطلب كل إنسان عاقل ذكرا كان أو أنثى ، وليس من حق أي أحد أن يصد عن ذلك ، أو يعترض طريق طالبه ، إذ ما جاءت الشرائع الإلهية إلا لتحقيق هذه المطالب للإنسان ليكمل ويسعد في الحياتين الأولى والآخرة .
واليك أيتها المؤمنة بيان طرق مطالب كمالك في روحك ، وبدنك ، وعقلك ، وخلقك .
****************************
طريق مطلب الكمال الروحي
إن من أهم مطالب الكمال مطلب الكمال الروحي للمرأة المسلمة ، والطريق الموصل إليه ، والى الحصول عليه يتمثل في الإيمان الصحيح الكامل ، والعمل الصالح ، بعد التخلي عن الشرك ، وكبائر الإثم . إذ الروح البشري يزكو على الإيمان وصالح الأعمال ، ويتدسّى على الشرك بالله ، وارتكاب كبار الإثم ، والفواحش ، فلا يزال العبد يترقى في طهارة روحه ، وزكاة نفسه بتجديد الإيمان ، وتقويته ، والإكثار من العمل الصالح ، والبعد التام عن الشرك والمعاصي حتى تبلغ روحه في طهرها وصفائها مستوى يقرب من مستوى الملائكة . كما أنه إذا أعرض عن الله وذكره ، وأقبل على أفعال الشرك ، واعتقاداته مع غشيان الكبائر، وارتكاب الفواحش الظاهرة والباطنة قد يبلغ دركا ينزل فيه إلى مستوى أخباث الشياطين من الجن والإنس ، والعياذ بالله تعالى .
ومن هنا كان من أسمى مطالب المرأة المسلمة مطلب كمالها الروحي ، وقد عرفت طريق الوصول إليه ، وهو الإيمان الصحيح ، والعمل الصالح بعد التخلي التام عن الشرك صغيره وكبيره، وعن الذنوب صغيرها وكبيرها . وقد لا يمكنها ذلك بغير العلم والمعرفة .
مطلب الكمال البدني
إن للمرأة المسلمة أن تطلب كل ما يكمل بدنها ، ويحسنه ، ويجمله إذ ذاك حق من حقوقها الشخصية التي لا تنازع فيها فلها أن تتداوى بكل دواء مباح ، وتحفظ صحتها من الضعف ، والتدهور من أجل أن تؤدي وظائفها التي خلقت لها ، من عبادة الله تعالى بذكره وشكره ، ومن أجل القيام بواجب خدمة زوجها ، وبيتها ، وتربية أولادها ، كما أن لها أن تستعمل ما يزيد في جمالها ، ويؤكد أنوثتها من خضاب بحناء ، واكتحال باثمد ، ولبس لذهب وحرير. فليس من حق أحد من زوج أو والد أن يمنعها من كل ما يحفظ صحتها ، ويزيد في جمالها ، وحسن هيئتها . فلها أن تركب سنة أو أسنانا عند الحاجة إليها ، وأن تجبر كسرا إن حصل لها ، إلا أنها لا تتداوى بحرام ، ولا تتجمل بغير الجائز، فليس لها أن تفلج أسنانها للحسن ، كما ليس لها أن تقشر جلدها ، أو تنتف شعر وجهها أو تصل شعر رأسها بشعر آخر لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالحرام ، وللعنه الواصلة والمستوصلة ، والنامصة والمتنمصة ، والمتفلجات للحسن ، في صحيح الأحاديث.
مطلب الكمال العقلي
من حق المرأة أن تطلب كمال عقلها، وأن تتوسل إل ذلك بشتى الوسائل، إذ كمال العقل هو الطريقة الوحيدة للوقاية من الشرور ، والنجاة من المهالك فمن لا عقل له لا دين له ، ومن لا دين له لا كمال ولا سلامة له ، والعقل هو الخصيصة التي تميز الإنسان على الحيوان . ولذا كان مطلب كمال العقل بالعلم، والمعرفة ، والتجارب الحسنة ، مطلبا ساميا شريفا .
وطريقة الحصول على كماك العقل يكون معرفة الكتاب والسنة، والتبحر فيهما، ويتم ذلك من طريق الدرس ، والطلب، وسؤال أهل العلم، وسماع المواعظ في المساجد، ومطالعة كتب الحكمة ، ومجالسة الصالحات من النساء المؤمنات. وفي الحديث : قال نساء الأنصار والمهاجرين بالمدينة المنورة "اجعل لنا يا رسول الله يوما من نفسك نتعلم فيه فقد غلبنا عنك الرجال. فقال لهن صلى الله عليه وسلم : موعدكن دار فلانة. فأتاهُن فيها فوعظهُن وذكرهُن وعلمهُن" . فصلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عن نساء الأنصار والمهاجرين، وأرضاهن .
مطالب الكمال الخلقي
إن مطالب الكمال الخلقي للمسلمة مطلب شريف منيف ، إذ الخلق قوام الحياة الفاضلة ، ورأس الأمر فيها ، حتى قيل :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ولقد أثنى الله تعال على نبيه بخلقه فقال عز وجل : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) . وما علة رسالته، صلى الله عليه وسلم ، إلا إكمال الأخلاق فقد قال : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ، لأن ذا الخلق الحسن الفاضل يأبى عليه خلقه أن يكفر ربه ، أو يكفر نعمه عليه ، كما يأبى عليه أن يأتي الشر، والفساد ، أو يتورط في الخبث . ولذا كان من حق المسلمة أن تطلب كمال أخلاقها ، وتترقى فيها حتى تكون من فضليات المؤمنات اللائي شرفن بأخلاقهن ، وتميزن بها بين نساء العالمين . وطريق الحصول على الأخلاق الفاضلة هو دراسة الكتاب والسنة ، والعمل على التخلق بما جاء فيهما من عظيم الأخلاق ، وقد سئلت أم المؤمنين عن أخلاق رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقالت : "كان خلقه القرآن" .
فللمسلمة أن تدرس الشمائل المحمدية ، وسير الصالحات من نساء المؤمنين السالفات ما تكمّل به خلقها حتى تصبح مثلا للكمال الخلقي في دنيا الناس، وهذا حق من حقوقها ، ومطلب شريف لها ، لا ينازعها فيه أحد ، ولا يصدها عنه صاد .
وقد سبق أن بينا لها جملة صالحة من الأخلاق الإسلامية فلتراجعها ، وتعمل على اكتسابها بالرياضة والتمرين حتى تفوز بها إن شاء الله تعالى .
-----------------------------
المصدر:
كتاب "المرأة المسلمة" ، الشيخ جابر الجزائري
إن الكمال الروحي والبدني والعقلي والخلقي مطلب كل إنسان عاقل ذكرا كان أو أنثى ، وليس من حق أي أحد أن يصد عن ذلك ، أو يعترض طريق طالبه ، إذ ما جاءت الشرائع الإلهية إلا لتحقيق هذه المطالب للإنسان ليكمل ويسعد في الحياتين الأولى والآخرة .
واليك أيتها المؤمنة بيان طرق مطالب كمالك في روحك ، وبدنك ، وعقلك ، وخلقك .
****************************
طريق مطلب الكمال الروحي
إن من أهم مطالب الكمال مطلب الكمال الروحي للمرأة المسلمة ، والطريق الموصل إليه ، والى الحصول عليه يتمثل في الإيمان الصحيح الكامل ، والعمل الصالح ، بعد التخلي عن الشرك ، وكبائر الإثم . إذ الروح البشري يزكو على الإيمان وصالح الأعمال ، ويتدسّى على الشرك بالله ، وارتكاب كبار الإثم ، والفواحش ، فلا يزال العبد يترقى في طهارة روحه ، وزكاة نفسه بتجديد الإيمان ، وتقويته ، والإكثار من العمل الصالح ، والبعد التام عن الشرك والمعاصي حتى تبلغ روحه في طهرها وصفائها مستوى يقرب من مستوى الملائكة . كما أنه إذا أعرض عن الله وذكره ، وأقبل على أفعال الشرك ، واعتقاداته مع غشيان الكبائر، وارتكاب الفواحش الظاهرة والباطنة قد يبلغ دركا ينزل فيه إلى مستوى أخباث الشياطين من الجن والإنس ، والعياذ بالله تعالى .
ومن هنا كان من أسمى مطالب المرأة المسلمة مطلب كمالها الروحي ، وقد عرفت طريق الوصول إليه ، وهو الإيمان الصحيح ، والعمل الصالح بعد التخلي التام عن الشرك صغيره وكبيره، وعن الذنوب صغيرها وكبيرها . وقد لا يمكنها ذلك بغير العلم والمعرفة .
مطلب الكمال البدني
إن للمرأة المسلمة أن تطلب كل ما يكمل بدنها ، ويحسنه ، ويجمله إذ ذاك حق من حقوقها الشخصية التي لا تنازع فيها فلها أن تتداوى بكل دواء مباح ، وتحفظ صحتها من الضعف ، والتدهور من أجل أن تؤدي وظائفها التي خلقت لها ، من عبادة الله تعالى بذكره وشكره ، ومن أجل القيام بواجب خدمة زوجها ، وبيتها ، وتربية أولادها ، كما أن لها أن تستعمل ما يزيد في جمالها ، ويؤكد أنوثتها من خضاب بحناء ، واكتحال باثمد ، ولبس لذهب وحرير. فليس من حق أحد من زوج أو والد أن يمنعها من كل ما يحفظ صحتها ، ويزيد في جمالها ، وحسن هيئتها . فلها أن تركب سنة أو أسنانا عند الحاجة إليها ، وأن تجبر كسرا إن حصل لها ، إلا أنها لا تتداوى بحرام ، ولا تتجمل بغير الجائز، فليس لها أن تفلج أسنانها للحسن ، كما ليس لها أن تقشر جلدها ، أو تنتف شعر وجهها أو تصل شعر رأسها بشعر آخر لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالحرام ، وللعنه الواصلة والمستوصلة ، والنامصة والمتنمصة ، والمتفلجات للحسن ، في صحيح الأحاديث.
مطلب الكمال العقلي
من حق المرأة أن تطلب كمال عقلها، وأن تتوسل إل ذلك بشتى الوسائل، إذ كمال العقل هو الطريقة الوحيدة للوقاية من الشرور ، والنجاة من المهالك فمن لا عقل له لا دين له ، ومن لا دين له لا كمال ولا سلامة له ، والعقل هو الخصيصة التي تميز الإنسان على الحيوان . ولذا كان مطلب كمال العقل بالعلم، والمعرفة ، والتجارب الحسنة ، مطلبا ساميا شريفا .
وطريقة الحصول على كماك العقل يكون معرفة الكتاب والسنة، والتبحر فيهما، ويتم ذلك من طريق الدرس ، والطلب، وسؤال أهل العلم، وسماع المواعظ في المساجد، ومطالعة كتب الحكمة ، ومجالسة الصالحات من النساء المؤمنات. وفي الحديث : قال نساء الأنصار والمهاجرين بالمدينة المنورة "اجعل لنا يا رسول الله يوما من نفسك نتعلم فيه فقد غلبنا عنك الرجال. فقال لهن صلى الله عليه وسلم : موعدكن دار فلانة. فأتاهُن فيها فوعظهُن وذكرهُن وعلمهُن" . فصلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عن نساء الأنصار والمهاجرين، وأرضاهن .
مطالب الكمال الخلقي
إن مطالب الكمال الخلقي للمسلمة مطلب شريف منيف ، إذ الخلق قوام الحياة الفاضلة ، ورأس الأمر فيها ، حتى قيل :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ولقد أثنى الله تعال على نبيه بخلقه فقال عز وجل : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) . وما علة رسالته، صلى الله عليه وسلم ، إلا إكمال الأخلاق فقد قال : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ، لأن ذا الخلق الحسن الفاضل يأبى عليه خلقه أن يكفر ربه ، أو يكفر نعمه عليه ، كما يأبى عليه أن يأتي الشر، والفساد ، أو يتورط في الخبث . ولذا كان من حق المسلمة أن تطلب كمال أخلاقها ، وتترقى فيها حتى تكون من فضليات المؤمنات اللائي شرفن بأخلاقهن ، وتميزن بها بين نساء العالمين . وطريق الحصول على الأخلاق الفاضلة هو دراسة الكتاب والسنة ، والعمل على التخلق بما جاء فيهما من عظيم الأخلاق ، وقد سئلت أم المؤمنين عن أخلاق رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقالت : "كان خلقه القرآن" .
فللمسلمة أن تدرس الشمائل المحمدية ، وسير الصالحات من نساء المؤمنين السالفات ما تكمّل به خلقها حتى تصبح مثلا للكمال الخلقي في دنيا الناس، وهذا حق من حقوقها ، ومطلب شريف لها ، لا ينازعها فيه أحد ، ولا يصدها عنه صاد .
وقد سبق أن بينا لها جملة صالحة من الأخلاق الإسلامية فلتراجعها ، وتعمل على اكتسابها بالرياضة والتمرين حتى تفوز بها إن شاء الله تعالى .
-----------------------------
المصدر:
كتاب "المرأة المسلمة" ، الشيخ جابر الجزائري